تراث الأحساء التاريخي كـ«بِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ»

مع كثرة البرامج الساحية التي قرأت عنها والنشاطات التي أبرزت وجود نشاط سياحي بمنطقة الأحساء في السنوات الأخيرة ، إلاّ أن شيئاً واحداً، لم أجده خلال زيارتي يوم أمس لثلاث مواقع «تراثية» في منطقة الأحساء ذلك هو الاهتمام الجاد، بتلك الكنوز التراثية في منطقة تضم أكثر العناصر الأساسية للجذب السياحي، محلياً وخارجياً…!
لعلي لا أبالغ إن قلتُ أن الأشجار المتعطشة والجرداء المحيطة بـ«مسجد جواثا» كانت أكثر شوقاً للماء من الانسان الذي زارها في لهيب صيف لافح…!

ترجلنا من السيارة ودلفنا إلى محيط الموقع المحاط بأشجار جرداء من الحياة، فكنت أنظر لسيقانها المتعرّية من الأوراق، وأنظر إلى مجرى المياه المتيبس من الجفاف تحتها، فذهب خيالي بعيداً إلى حيث أيام الصبا، قبل حوالي ٤٥ عاما عند انطلاق مشروع «المشتل» وعن غابته الغناء عند افتتاحه، وأخذت أحدث عائلتي وبناتي اللاتي رافقنني في هذه الرحلة، عن جمال ذلك المكان الذي زينته الأشجار وجداول المياه المنسابة في مساحته الخضراء حول الأماكن المخصصة لجلوس الزوار المصنّعة من جريد النخل، وخريره العذب مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير…!

لم تستغرق جولتنا هناك أكثر من ١٠ دقائق، كان منها وقوفنا أمام اللوحة التعريفية التي أحالتها أشعة الشمس إلى تراث بخطوطه الباهتة واختزال مضمونه في سطرين.!

خرجنا من المكان، وكأني أقرأ في عيون عائلتي شيئاً من الاستغراب عن مبالغتي بالحديث معهم عن هذا الكنز «التراثي» وشيئاً من التحسّر على التصحّر المحيط بهذا المكان السياحي والمعلم التاريخي الأهم بالمنطقة..!بعد ذلك انتقلنا إلى المبرز، حيث «قصر صاهود» الذي يمثل ثاني أكبر القلاع التاريخية بالمنطقة الشرقية،

وكانت جولتنا حوله بـ«السيارة» فقط 
لعدم إمكانية الدخول إليه، فاندفعت أخبر عائلتي عن جولتي فيه وفي غرفه وممراته، قبل ٤٥ عاما مع أصدقائي في الصغر..!

بعد هذه الجولة، رحت أقولب الأفكار بعصف ذهني مع نفسي:

هل ستنجح السياحة في الأحساء إن لم تكن جداول المياه الرقراقة في الأماكن العامة، تتغزل وتتراقص لزوارها..؟

 هل ستسعى شركات الفندقة العالمية للتواجد، دون مقومات مشجّعة لها (إذا استثنينا الانتركونتيننتال)…؟

لا تزال كنوز الدخل السياحية في منطقة الأحساء كـ«بِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ»..



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملاحظات تاريخية حول بحث «الأحسائيون ونشأة الدمام » (*)

مجتمع الصاغة ليس (بعض) سفهائه

الوحدة الاجتماعية في التعليم والقضاء بمنطقة الأحساء في 200عام (*)