منطق الحضارة البشرية
كلما تقدمت الحضارة المدنية، ازداد تشريع وتقنين التسلط بين المجتمعات البشرية...!
فهل هناك علاقة بين هذا وذاك...؟
استحدث الاستعمارُ الغربي هيئةَ الأمم المتحدة للحفاظ على المصالح الانسانية، إلاّ أننا اكتشفنا أنها مظلة لحراسة مصالحه الاستعمارية، واستحدث مجلسَ الأمن، فاكتشفنا أنه مؤسسٌ لتشريع وتقنين جرائم الدول الاستبدادية وللحفاظ على تسلطها…!
إن هذه الهيئة الأممية أو هذا المجلس الأمني للعالم، ليسا مؤسستين علميتين لانتاج الحضارات أو تمدين المجتمعات، بل هما مؤسستان إداريتان لتنظيم واقع قائم، مع أن بعض مشاريعهما ذات صبغة انسانية في بعض الأحيان، إلاّ أنها لدفع الأضرار أكثر من مشاريع تنمية في البلدان التي تحظى بتلك المشاريع، مثل شؤون اللاجئين والنازحين والمهجرين، نتيجة للحروب أو الكوارث الطبيعية..!
كما إن كل ما يبدو من تطورات مادية في الحضارة البشرية إنما هو نتيجة علوم انسانية لا تنسب لمدرسة فلسفية واحدة، فلا تخلّف المسلمين كان بسبب اسلامهم، ولا تقدم غيرهم بسبب بوذيتهم أو مسيحيتهم، ولا بسبب معتقداتهم.
الحضارة المادية والمدنية مشروع إنساني تاريخي مشترك ممتد منذ وجود الانسان على هذه الأرض، أتيح لها رعاية نُظم مدنية وقوانين، تغلبت على سابقاتها، فتراكمت تلك العلوم التي أنتجت هذه الحضارة، ثم ترعرعت هذه المدنية وهذه الحضارة، كامتداد لتلك المدارس الفكرية المتناقضة، لأن تلك الأفكار، لم تكن رَحماً احتواها، ولا ثدياً غذّاها، بل إن هذه الحضارة والمدنية، أشبه ما تكون بالمزرعة التي عملت فيها الأيادي والعقول الجادة من كل أصناف الديانات والمذاهب.
ومع أن الاجماع بالقول بتطور وتقدم هذه الحضارة المدنية لا يخفى، إلا إن تخلفاً أخلاقياً موازيا يصاحبه، ولا يمكن إنكاره، فهل يستطيع أحد الزعم بأن مصدر التقدم الحضاري والتخلف الأخلاقي هو مدرسة فكرية أو فلسفية واحدة...؟
هذا أمر يجافي المنطق...!
ما يمكن الخلوص إليه، هو أن مصدر التخلف البشري الأخلاقي، جاء نتيجة تشريع ما هو مخالف للفطرة، ونتيجة لممارسة الظلم وفقدان العدالة، مع ملاحظة أنْ ذلك معزولٌ تماما عن ساحات المدارس العلمية والمعاهد البحثية في الدول المتطورة مدنياً، ولكنه حاضر مع شديد الأسف في المجتمعات الاسلامية بشكل لافت.
تعليقات
إرسال تعليق