كلمة أماتت أمة



الكلمة حياة أو موت، وهي قرار ومبدأ، وهي هوية وصراط، الكلمة بذرة قابلة للنمو، فما هي ثمرتها ومن هو زارعها ومن هو آكلها…؟
هي مجرد كلمة، ولكنها صبت المصائب صباً على أهل بيت النبوة الطاهرين {الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا} بدءاً بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، مرورا ببقية الأئمة الهداة المهدين، مصائب ممتدة إلى عصرنا الحاضر بما يشهده صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء) ويعتصر قلبه ألما به من ظلم وجور يكاد أن يطبق مشارق الأرض ومغاربها..
«يهجر» أو كما يريد البعض أن يخفف وقعها وشناعتها برواية «غلب عليه الوجع» هي مجرد كلمات قيلت، بعد أن تلقّوا أمراً من النبي محمد صلى الله عليه وآله، فتلكأوا، ولكن ما هو أثر هذه الكلمة وإلى ما قادت الأمة وماذا أحدثت بها من انحراف ومن تخبط، وليس أبلغ من وصف أمير المؤمنين عليه السلام بحالها في خطبته الشقشقية بقوله عليه السلام « فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وَشِمَاسٍ وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ».

«يهجر» أو «غلب عليه الوجع» مجرد كلمة، ولكنها انتجت منهجاً، لا نزال نعيش تحت وطئته منذ أكثر من ١٤ قرنا، وهي ليست مجرد كلمة عابرة تلفّظ بها صاحبها بعفوية وسذاجة، بل إن المسار اللاحق فضح دلالتها وفضح أبعادها وكشف ما استتر به القوم من وراء جهر صاحبهم بها..!
هي كلمة قيلت، ولكنها أحدثت لغطاً في حضرة سيد الكائنات وسيد المرسلين وخاتمهم، فكم استغرق النطق بهذه الكلمة..؟
إنها لا تستغرق ثانتين، للكلمة الأولى أو خمس ثوان لو كانت الثانية…!
«يهجر» إنما هي كلمة، قد تظهر بصيغة أخرى وفي عصر آخر، وقد تظهر من رجل عادي أو من زعيم اجتماعي أو زعيم ديني أو من شاعر أو من رجل بين أهله وذويه.
هي إذن، كلمة، لا يزال يتردد صداها في فضائاتنا وفي أسماعنا، وهو صدى يتكرر لمزاحمة الحق بالأهواء، والأذواق الشخصية،  حاضر في ما نراه من فتن، كانت شراراتها مجرد «كلمات قيلت» هنا أو هناك.




٢٧ صفر ١٤٣٨ هجري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملاحظات تاريخية حول بحث «الأحسائيون ونشأة الدمام » (*)

مجتمع الصاغة ليس (بعض) سفهائه

الوحدة الاجتماعية في التعليم والقضاء بمنطقة الأحساء في 200عام (*)