تحزيب (الأبوة المرجعية)

مثّلت مرجعية السيد السيستاني (دام ظله الشريف) أبوة جامعة في أحلك الظروف التي مرت بشيعة العراق في العصور الأخيرة، ولم تستطع أي جهة سياسية الاستفادة من ثقل مركزها المقدس في تجاذبات حزبية شهدتها الساحة العراقية التي تحولت إلى ميدان لألاعيب واختراقات لكثير من الجهات لأهداف مشبوهة.
إن هذا الترفع والحذر الواضح لمواجهة المحاولات الشرسة، صد وقطع الطريق على رغبات البسطاء والسذج و رغبات أعداء الانسانية، عن استغلال هذا المقام الروحي الكبير وحصّن مقامها(المرجعية) مما أفشل مشاريع أصحاب تلك الرغبات المريبة، حتى في أشد الظروف موائمة لهم، وأشدها حرجا عليها (المرجعية) حين ارتفع صوت أزيز الرصاص في النجف الأشرف بين الأخوة المؤمنين، الذين كبحت (الأبوة) جماح عواطفهم واندفاعهم للتظاهر بامتلاك الشرعية الاجتماعية أو الدينية، فكانت بأبوتها صمام أمان للمؤمنين مع اختلاف مواقفهم، ونزعت فتيل تفجير الفتنة وقطعت أصابع زارعيها.
كما أظهرت (المرجعية) بجلاء لا لبس فيه، وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء (أبوة الجميع) حين بلغت الفتنة أوجها بعد تفجير مقام الإمامين العسكريين عليهما السلام، حين أطلق السيد السيستاني كلمته الخالدة «ان السنة هم انفسنا وليسوا اخواننا».
إن من الحكمة البالغة أن يتعامل الجميع مع مقام هذه (الأبوة) بالإجلال والإكبار وإبقائها شامخة ومظللة للجميع بدل مصادرتها ومصادرة فيضها وعطائها لمساحات ضيقة وتحجيم وظيفتها.
إن مفهوم (المرجعية) أكبر من أن نضعه في قالب فئوي، وليس من وظيفة المرجعية الدخول في تشخيص الموضوعات الخارجية، ومحل الاختلافات سواءا، كانت مواضيعها أشخاصاً أو موضوعات أخرى.

والله من وراء القصد..


٢٤ رجب ١٤٣٨ هجري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملاحظات تاريخية حول بحث «الأحسائيون ونشأة الدمام » (*)

مجتمع الصاغة ليس (بعض) سفهائه

الوحدة الاجتماعية في التعليم والقضاء بمنطقة الأحساء في 200عام (*)