الأوبئة في مواجهة جهد الفرد والجماعة {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ.....}



لعل من أبلغ الدروس التي مرت خلال «جائحة كورونا» هو أهمية مفهوم الالتزام «الجماعي» أو ما عرف بعنوان «خليك في البيت» وما تم تطبيقه في العديد من دول العالم بدءا من «ووهان الصينية» والذي أدى إلى لجم وتحجيم «انتشار الوباء» والسيطرة عليه، ولو بشكل جزئي، وقد كان لهذا الاجراء مفعولا إيجابيا في الحد من  كثير من المضاعفات السلبية، في الدول التي اجتاحها هذا الوباء.
إن هذه الإرادة «الجماعية» التي تم التقيّد بها- اختياريا أو إجباريا- يكشف أن الأوبئة ذات الطابع المعدي بحاجة إلى تعاون جماعي للقضاء عليها، وأن هذه الأوبئة تشبه في انتشارها، انتشار «المنكر» وكل مرض أخلاقي يصيب المجتمعات تماما، حيث أنها تفتك بالجميع، ما لم يتكاتف الجميع في منع انتشارها بينهم.
وهنا تتضح بعض من فلسفة الآية القرآنية الشريفة {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
فمهما اجتهد الفرد بكل طاقته ووعيه، فهو أعجز من أن يكافح وباء - أي وباء، مادي أو معنوي- بمفرده، ولا بد هنا أن يتحمل الجميع مسؤوليته أمام الله وأمام ضميره، ليشكل من إرادته جزءا لا يتجزأ من إرادة جماعية، تكافح لصد كل ما يشكل خطراً على الجسم الاجتماعي الواحد المتشكل من أفراد، ولا شك أن تقاعس فرد واحد، سيشكل ثغرة وخاصرة هشة لطعنات هذه الأوبئة وهذه الآفات، لا تصيبه بمفرده، بل ستتجاوزه إلى غيره.
الوباء لا يزال منتشرا، والمجتمعات لا تزال تعاني من بعض الحالات بعض أبنائها ورجالها ونسائها، لذا يلزم على كل عاقل أن يستحضر كامل إرادته لأن يكون عامل صد ومنع، للتعامل بحذر بعد رفع الحظر المفروض -رسميا- ليتحمّل الجميع مسؤولية التأقلم مع هذه الجائحة، وعدم التهاون في التعامل مع احتمال انتقال العدوى وانتشارها مجددا، والحذر بعدم الاندفاع في إقامة التجمعات في ظل وجود مؤشرات انتشار الوباء، حسب ما هو معلن بالأرقام في العديد من المدن السعودية.
حفظ الله العباد والبلاد من كل مكروه، وأزال هذه الغمة عن هذه الأمة.

الدمام ٢٨ شوال ١٤٤١ هجري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملاحظات تاريخية حول بحث «الأحسائيون ونشأة الدمام » (*)

مجتمع الصاغة ليس (بعض) سفهائه

الوحدة الاجتماعية في التعليم والقضاء بمنطقة الأحساء في 200عام (*)