تركيا «الأرداعشية»...
تراكمت التصريحات بعد اسقاط الطائرة «العسكرية» الروسية والتي كشفت التحول الكبير للأزمة السورية من كونها «داخلية» في الظاهر، الى «دولية» بامتياز، مما يعني انتهاء صلاحية الأدوات التي كانت تدير تلك الأزمة، والتي طال أمدها بمعايير الحفاظ على مصالح أطرافها الخارجية، واستبدالها بأدوات مختلفة.
جاءت تصريحات الرئيس الروسي بوتين «الجادة» في سياق شرس جداً لإعادة الاعتبار لدولته العظمى ويؤكدها الخطوات التي اتخذتها الحكومة التركية، بدءاً من التوجه لحلف الناتو، وانتهاءاً بما أعلنه الجيش التركي أنه «لم يكن يعلم أن الطائرة التي أسقطها على الحدود التركية كانت روسيا»...!
هذا الجيش التركي استخدم المقاتلات الأمريكية (ف ١٦) وهذا يعني مستوى متقدم من التقنية العسكرية التي بحوزة هذا الجيش، وهذا يشكك في مصداقية اعلانه بأنه «لم يعلم» هذا بغض النظر عن حالة الاستنفار والحذر التي كان عليها هذا الجيش منذ سنوات تلك الأزمة التي اتخذت الطابع العسكري في تلك المنطقة...!
التحول بملف الأزمة من حالة الى حالة، صاحبه تحول في مصداقية اطراف تلك الازمة، جاء ذلك عبر عدد من الأحداث المتتالية:
1- تثاقل -غير مبرر- وعدم جدّية للتحالف الأمريكي في استهدافه لتنظيم داعش الارهابي.
2- دخول سلاح الجو الروسي في المنطقة، ضد الجماعات الارهابية علي الأراضي السورية.
3- ظهور فاعلية كبيرة للطيران الروسي، مما انعكس على التصريحات المتوترة للأتراك في سياق رفض لهذا التدخل، وحدوث انهيارات عسكرية متلاحقة، لتلك الجماعات.
4- قصف أسطول من الصهاريج التي تنقل البترول السوري الى تركيا، وهذا كشف «عورة» مستورة لحلفاء أردوغان، وهي عبارة قدرة غامضة لاستمرار عمل هذا الاسطول البري «المدني» عبر مئات الكيلومترات من سوريا الى تركيا في منطقة يجوبها أسطول جوي «عسكري» يبحث عنه بواسطة أحدث التقنيات الإلكترونية والأجهزة العسكرية...!
5- اكتساب الوجود «العسكري» الروسي «شرعية» في المنطقة بعد اكثر من 35 عاما من حملات «نوعية» لوقف ما وصف بالزحف الروسي نحو المنطقة، من قبل المحور المناهض له حاليا...
التصريحات الروسية اتهمت «أنقرة» بالتحضير «مسبقاً» لهذه الحادثة، وأيضا اتهمتها «بالتواطئ» مع الارهابيين وهو اتهام خطير جداً أن يصدر من أعلى سلطة روسية، وعزز ذلك الاتهام تصريحات وزير خارجية روسيا «لافروف» عن تواجد مراكز التدريب ومخازن الأسلحة على الأراضي التركية، وهذا اتهام ينسجم مع كثير من المعطيات والقرائن التي سبقت حادث اسقاط الطائرتين الروسيتين «العسكري والمدنية»...! هذه الاتهامات «الصريحة» من طرف دولي يأتي في سياق إعلان «الحرب» على الارهاب بعد الهجمات الارهابية، في فرنسا وفي بلجيكا وحملة التضامن العالمي مع تلك الحرب المعلنة، والتي تضمن للدول المستهدفة استخدام القوة تحت الفصل السابع لحماية نفسها ...
نحن نشهد لحظات حاسمة من هذه الأزمة «الدولية» وهي لحظات لا تحمل مؤشرات حرب عالمية -كما يظن البعض- بل ستشهد انفراجا كبيراً، سيصاحبه نوعٌ من الضجيج الاعلامي لا يعكس حقيقة ما يدور من في الكواليس المغلقة بين أصحاب القرار، وما بين كل أطراف هذه الأزمة «الدولية» لما تتضمنه الضرورة الملحة لإحداث تحولات في مواقفها من تلك الأزمة...
١٤ صفر ١٤٣٧ هجري
تعليقات
إرسال تعليق